سياسيوالجَنْجَويد

طلب المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية الأرجنتيني لويس مورينو أوكامبو من قضاة المحكمة إصدار أمر بالاعتقال في حق الرئيس السوداني عمر البشير. طبعا، رفض الرئيس البشير الموضوع جملة وتفصيلا وسارت وراءه حكومة السودان والأحزاب السودانية والدول العربية والإفريقية. هذه الدول كلها لم تتضامن مع البشير لعدالة قضيته أو براءة ذمته أو سواد عيونه، بل مخافة أن يلقى زعماؤها نفس المصير يوم لا تنفع معه لا الحصانة ولا المصالحة ولا الدساتير المفبركة لمنع محاكمة جلادي الشعوب.
أنا لا أقول إن المدعي العام على صواب، أواتهاماته صحيحة. ولكن من الأكيد أن كل هذه الجَلَبة ليس سببها نظافة يد عمر البشير من الجرائم المرتكبة في حق الشعب السوداني في دار فور.
قبل عمر البشير، كان المدعي العام مورينو أوكامبو قد طلب في شهر فبراير من سنة 2007 من قضاة المحكمة الدولية إصدار مذكرة اعتقال في حق وزير الداخلية السوداني السابق أحمد هارون وقائد مليشيات غرب دارفور على كوشيب. قبل سنة ونصف من اليوم، وجّه المدعي العام 51 تهمة لأحمد هارون وعلي كوشيب تتعلق بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، منها "الاغتصاب، والقتل، والاضطهاد، والتعذيب، والتهجير القسري، وتدمير الممتلكات، والسلب، والنهب، وأعمال غير إنسانية، وإساءة بالغة للكرامة الشخصية، وهجمات ضد السكان المدنيين والسجن أو الحرمان المفرط من الحرية". وقدم المدعي العام أدلته لقضاة المحكمة. لكن الرئيس البشير أقسم أن لا يسلم لا هارون ولا كوشيب إلى المحكمة الدولية.
أزيد من اثنين مليون سوداني تم تهجيرهم، وما بين 200 الى 300 ألف سوداني بدارفور تمت إبادتهم، لأنهم تمردوا على نظام الحكم في الخرطوم. النظام السوداني نظام مركزي ومهلهل ومتخلف وغير ديمقراطي. والشعب السوداني بسببه يرزح تحت الفقر. طبعا، بعد اكتشاف البترول أصبحت الحقول محط أنظار و نزاع وأطماع داخلية ودولية.
سكان الجنوب المسيحيون توصلوا لاتفاق مع الخرطوم بعد أزيد من عشرين سنة من النزاع ومليونين قتيل و اربعة ملايين لاجئ.
وبعد تمرد أهالي دارفور، المسلمين من أصول افريقية غير ناطقين بالعربية، ضد نظام البشير، سلّطت عليهم الخرطوم مليشيات "الجنجويد" مكونة من مسلمين هم الآخرون دوي أصول عربية، لإبادة سكان دارفور وتهجيرهم وإسكات صوتهم. مليشيات الجنجويد عاثت فسادا في دارفور، ولكن أحدا لم يحرك ساكنا في الوطن العربي ولا العالم الإسلامي. الضحايا مسلمون والجلادون مسلمون. تخاذل العالم كثيرا وفي مقدمة المتخاذلين العالم الإسلامي والعالم لعربي. هذه هي الحقيقة، مهما حاولنا أن نداريها. اعتبرنا أن الأمر"داخلي" و"صراع بين الأشقاء" في الوقت الذي كان يتم ترويع ملايين السودانيين وقتلهم وتهجيرهم واغتصابهم من طرف الجنجويد المدعومين من حكومة السودان الشقيقة! وحين تولى الموضوع أناس من الغرب، فنانون، ممثلون، حكومات، مخابرات...، أخرجنا اسطوانة استهداف الأمة العربية. لماذا لم نتحرك نحن حتى لا نترك الفرصة لأعداء الإسلام وأعداء أمة الإسلام وأعداء أمة العرب ليتدخلوا لحماية ناس من أمة محمد ضد معتدين من أمة محمد كذلك!!
البشير لم ينظم محاكمة داخل السودان ضد مجرمي الحرب في دارفور، ولم يرد أن يسلم متهمين للمحكمة الجنائية الدولية. لذلك، فهو اختار عن طيب خاطر أن يكون وسط الإعصار وحاميا لمتهمين بجرائم ضد الانسانية ومعرقلا للعدالة وبالتالي مشجعا لاستمرار جرائم تقتيل جزء من الشعب السوداني.
المحكمة الجنائية الدولية قامت رسميا سنة 2002. وقبل ذلك (17 يوليوز1998 بايطاليا )، كانت 120 دولة قد صادقت على قوانين هذه المحكمة، التي تضم اليوم 106 دولة. وتختص في محاكمة الأفراد وليس الدول، المتورطين في جرائم حرب، أوالجرائم ضد الإنسانية أو أعمال الإبادة.
الرئيس السوداني يعرف أن اختصاص المحكمة يشمل الجرائم المرتكبة من طرف المتهمين الذين ينتمون إلى دولة عضو أو تقبل بأحكام المحكمة (وهذه فعلا ليست حالة السودان)، أو أن الجريمة مرتكبة في بلد عضو بالمحكمة أو يقبل بها (وهذه كذلك ليست حالة السودان، لأن السودان لم تنضم للاتفاقية) أو أن مجلس الأمن هو الذي أحال القضية على المدعي العام بالمحكمة تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وهذه هي حالة السودان.
القوانين المنظمة للمحكمة الجنائية الدولية، تحت مبدأ التكاملية، تعطي أسبقية للمحاكمات الوطنية، أي أنه إذا قامت دولة ما بتنظيم محاكمة لمتهمين في قضية جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية أو أعمال إبادة، فإن المحكمة الدولية تترك هذه الصلاحية للمحاكمات المحلية. ولكن إذا لاحظت أن الدولة المعنية ليس لها القدرة أو ليس لها الإرادة لتنظيم هذه المحاكمة محليا، فإنها تتكفل بالقضية.
وهذا يعني أنه خلال سنوات أو على الأقل سنة ونصف مند إصدار قرار باعتقال احمد هارون وعلي كوشيب لم تحرك الخرطوم ساكنا لإقامة محاكمة حقيقية وعادلة للنظر في الجرائم المرتكبة في حق الشعب السوداني بدارفور. لقد أخطأ عمر البشير في حساباته. وحتى الآن، لازال هناك مخرج هو تنظيم محاكمة حقيقية أو تسليم أحمد هارون وعلي كوشيب. لكن المصيبة أن الحلين معا قد يؤديان إلى نفس النتيجة الحالية... أقول قد...

الطيب حمضي
25 juillet 2008

الاتحاد والمتوسط وبرميل النفط

أعلنت قمة باريس ليوم الأحد 13 يوليوز 2008 عن قيام "الاتحاد من أجل المتوسط. وقد حضر القمة 43 بلدا، ولم تغب سوى ليبيا.
الفكرة كان قد أعلن عنها الرئيس الفرنسي ساركوزي خلال زيارته للمغرب السنة الفارطة. وهي أساسا (الفكرة) تعود لأحد مستشاريه السياسيين.
هذا الاتحاد ليس فكرة جهنمية ولا حلا سحريا لمشاكل المتوسط أو لعلاقات دول شمال المتوسط بجنوبه. وليست الفكرة فتحا عظيما في ميدان العلاقات بين دول أروبا وحوض المتوسط. ومع ذلك، فإن هذا الإطار قد يشكل فضاءا مهما ومثمرا بالنسبة إلى مستقبل دول وشعوب حوض البحر الأبيض المتوسط وفرصة لدولنا المغاربية لتجاوز منطق عملها او على الأصح كسلها الحالي لفائدة دينامية تعاون مفيدة لشعوبها.
هذا الفضاء يضم 43 دولة و750 مليون مواطن. الأمر يتعلق بفضاء بشري كبير ومتنوع، وبإمكانات اقتصادية كبيرة وسوق شاسعة. وإلى جانب هذه الإمكانات، فإن هذا الفضاء هو، كذلك، بؤرة مشاكل وتوترات خطيرة ومزمنة ومعقدة، ليس أقلها الصراع العربي الإسرائيلي.
طبعا، ساركوزي له حساباته، منها خلق فضاء بديل تدخله تركيا عوض انضمامها للاتحاد الأوروبي وتسهيل دمج إسرائيل في محيط معاد لها لحد الساعة. لكن المبادرات تخلق ديناميتها الخاصة ولا تتبع بالضرورة المسار الخفي الذي تم رسمه لها.
لو لم يبادر الرئيس ساركوزي إلى اقتراح قيام «الاتحاد من أجل المتوسط»، لقام برميل النفط بذلك!
مع ارتفاع أسعار النفط واقترابها من 150 دولار، وربما تجاوزها لتصل إلى 200 دولار خلال الشهور المقبلة أو تتعدى ذلك، أصبح الخبراء يتحدثون عن تراجع العولمة، بل انحسارها لصالح الجهوية والإقليمية. فمع ارتفاع ثمن البترول، ومن ثم ارتفاع تكلفة النقل والشحن عبر البحار أو الطرقات أو الجو، لن يعود في الإمكان أن تتنقل السلع بنفس السهولة من آسيا إلى أمريكا أو من أمريكا اللاتينية إلى أروبا، أو من إفريقيا إلى أمريكا... ذلك أن كلفة النقل ستقلل من تنافسية السلع، إن هي قطعت مسافات طويلة. لذلك، يتوقع الخبراء أن تتراجع التجارة العالمية، ومعها العولمة، لصالح التجارة الإقليمية.
هذا معناه، مثلا، أن التجارة ستتقوى بين الولايات المتحدة وكندا وأمريكا اللاتينية، بين إفريقيا وأروبا، بين الشرق الأوسط وآسيا... من هذا المنظور، فإن ارتفاع أثمنة البترول سترغم دول جنوب المتوسط وشماله على تطوير مبادلاتها التجارية وخلق سوق متوسطية، سواء أسسوا فضاء متوسطيا أم لم يؤسسوه. لذلك، قلت إنه إذا لم يكن ساركوزي قد بادر إلى خلق هذا الإطار، فإن برميل النفط كان سيتكفل بالمهمة.
هناك مشاريع أولية سينكب عليها الاتحاد، ولكن الأساسي من الاتحاد هو خلق فضاء لتجاوز الأزمات والتوترات التي يعيشها الأبيض المتوسط بشكل مزمن. والهدف الثاني هو خلق هذا الفضاء الاقتصادي السياسي لمصاحبة دول جنوب المتوسط في تحولها من جهة وتأمين جوار آمن ومطمئن لدول شمال المتوسط.
الاتحاد من أجل المتوسط ليس «بابا عايشور» ولا «بابا نويل» يجلب الهدايا للجميع! العلاقات بين الدول تخضع للمصالح ولا يمكن أن نأخذ منها إلا بقدر ما نعطيه. ومع الأسف، فإننا، في دول الجنوب، مختصون في إهدار الفرص.
أي فضاء اقتصادي، بين دول ذات اقتصادات قوية وأخرى ذات اقتصادات ضعيفة، يشكل فرصة لهذه الأخيرة لتطوير اقتصاداتها.
بمعنى أن الدول ذات الاقتصاد الضعيف مؤهلة لتربح أكثر من هذه الفضاءات، بحكم أنها تجد أمامها أسواقا كبيرة وقدرة شرائية مرتفعة لتسويق خدماتها وسلعها.
ولكن، لأن حكامنا أو ثقافتنا غير عقلانية، فإننا سننظر إلى الأمر من زاوية المشاكل، وليس الحلول. المغرب والجزائر لن يتعاونا إلا إذا تم حل قضية الصحراء، وهذا من أكبر الأخطاء هنا وهناك. سوريا والأردن ومصر لن يتعاونا... أي أن كل دولة جنوبية عربية ستجد من المشاكل ما يكفي لتبقي شعوبها مكبلة، بسبب التخلف وغياب الديمقراطية والشفافية والعدالة الاجتماعية. بدعوى أننا شعوب تموت وتجوع ولا تفرط في كبريائها ومواقفها المبدئية!
يمكن أن يشكل الفضاء الجديد فرصة أخرى لدفع دول جنوب المتوسط للتعاون بينها، لأننا دول لا نتعاون بيننا إلا إذا طلب او فرض علينا الغرب ذلك. فعسانا نتعاون بعض الشيء ونكتشف كم هو مربح لشعوبنا هذا التعاون وحينها لن يمكن الرجوع للوراء بالاتحاد من اجل المتوسط أو بدونه. فعسى يكون هذا الفضاء المتوسطي فرصة لاتحادنا وتعاوننا. المتوسط من اجل الاتحاد.

اللـّـْـعـَـقـَــا.....رْ !

اتهامات البرلماني والمقاول، صاحب "الشعبي للإسكان" السيد ميلود الشعبي، لعدد من الوزارات والمؤسسات العمومية، بتفويت أراض بطرق ملتوية إلى مجموعة الضحى، أعادت إلى دائرة الضوء ملف قطاع العقار في المغرب. السيد أنس الصفريوي، صاحب "مجموعة الضحى"، خرج عن صمته هو الآخر، دفاعا عن مؤسسته. والأكيد أن التحقيق في الموضوع، هنا وهناك، لا يمكن إلا أن يكون مفيدا للرأي العام، من حيث الحرص على الملك العام، وعدم التفريط فيه، ومن حيث إضفاء بعض من الشفافية على ما يجري داخل قطاع العقار في المغرب، وهو من أكثر القطاعات عتمة.
هل، فعلا، تم تفويت أراضي الدولة بثمن أقل من ثمنها الحقيقي؟ هل تم احترام المساطر؟ هل تتم هذه العمليات في جنح الظلام؟ هل هناك تفريط في الملك العام لحساب الخواص؟
هذه الأسئلة، لا شك، سنجد أجوبة عليها من خلال الصحافة وتحرياتها أولا. وكيفما كانت هذه الأجوبة، فإن أهميتها تكمن في إثارة الأسئلة، وكونها جعلت ملف العقار في المغرب ملفا تحت أعين الٍرأي العام، لا من خلال اللجان البرلمانية وحدها، ولكن، من خلال الصحافة أيضا.
"الشعبي للإسكان" و"الضحى" هما أكبر المقاولات في المغرب. وبالتالي، فإن مساهمتهما في حل أزمة السكن لا غبار عليها، ومساهمتهما في خلق فرص الشغل لا شك فيها. وبحكم المكانة التي يحتلانها في سوق العقار، فإنهما كذلك، أحبا أم كرها، مسؤولان عن مخاض سوق العقار بالمغرب. إذ بإمكانهما جر الأسعار إلى قمتها، كما يحدث اليوم، أو على العكس، العمل على تلطيفها.
أكيد أن مؤسسة "الشعبي" ومؤسسة "الضحى" ليستا "خيريتين" تستثمران الأموال لتوزيع المنازل على اليتامى والمساكين، وأبناء السبيل! فكل مقاولة لا بد أن تخضع لقانون السوق، وإلا كان مصيرها الفشل. ولكن الدولة، من خلال مختلف القوانين والمؤسسات التابعة لها، تعمل على تسهيل المأمورية على المقاولين، من إعفاء ضريبي، وإعفاء من الرسوم، وتفويت أراض بأثمنة مشجعة، وغيرها من الإجراءات، حتى يتمكن المواطن من الولوج إلى السكن بثمن معقول.
فهل يا ترى، مع كل هذه الضرائب والرسوم التي لم تستخلصها الدولة، وهذه الأراضي التي تم تسهيل اقتنائها من طرف المقاولين، كبارا وصغارا، هل بعد كل هذا، نحن أمام أثمنة معقولة؟
لست محتاجا لتقديم الجواب، لأن السوق كفيل بذلك.
قبل هذه الامتيازات، كانت الأثمنة مرتفعة، بالنسبة لمن يريد اقتناء شقة. وظلت عملية البناء في ركود، والحاجة مرتفعة، والكراء مرتفعا، طبعا. وبعد دخول هذه الإجراءات حيز التنفيذ، وبعد أن قامت البنوك بتخفيض نسبة الفائدة إلى أرقام معقولة، مقارنة مع جنون الأرقام السابقة، دارت عجلة العقار بالمغرب.
المشكل هو أن التسهيلات في الحصول على القروض، ومعقولية فوائدها، أدى إلى ارتفاع الطلب بشكل كبير، بالنظر إلى الحاجة المتراكمة لمدة ثلاثين سنة من الركود. فارتفاع الطلب أدى، بطبيعة الحال، إلى ارتفاع الأسعار، الأمر الذي أدى إلى تفاقم ظاهرة المضاربات، بحيث إن هناك أناسا وجهات تشتري لمدة سنتين أو ثلاثة من أجل إعادة البيع.
لماّ أضحى "الاستثمار" في شراء بقعة أو شقة عملية مربحة ومضمونة، أضحى العرض أقل بكثير، أمام الحاجيات الحقيقية، إضافة إلى سوق المضاربات.
وسط هذه الفوضى، أصبحنا أمام من هب ودب وقد اصبح "مقاولا" يفعل ما يشاء، ليس من أجل الاستثمار الحقيقي، ولكن من أجل استغلال حاجة الناس في السكن، حتى أصبح الكل مضاربا. وأضحى قطاع العقار أسهل طريق لتكديس الأموال، ليس بالعمل، ولكن على حساب قوت الناس ومدخراتهم وأحلامهم في تملك بيت.
تحول الموضوع من قطاع استثماري إلى حلبة لجمع الأموال كيفما اتفق. وبذلك، تحول من قطاع للعقار إلى قطاع لـ اللـّـعـَـقـَــا.....رْ، (المشتق من "اللعاقة" أي المال باللسان الشعبي).
واليوم، قد يكون سوق العقار وصل إلى مرحلة قصوى من الأثمنة المقترحة، على الأقل بالنسبة إلى السكن "غير الاقتصادي". بينما القدرة الشرائية لم تعد تتحمل مثل هده الاثمنة المقترحة. رغم كل الامتيازات التي منحتها الدولة لتسهيل الولوج إلى السكن، الذي تبخرحلم الكثير من المغاربة بعد أن ارتفع الطلب. وكأن ما أُعطي باليد اليمنى تم أخذه باليد اليسرى، تبعا لقوانين السوق.
إذن، فبالرغم من الفوائد المنخفضة، وتسهيل القروض، بل بسببها، ارتفع الطلب، وارتفعت الأثمان، ولم يعد في الإمكان مجاراتها!
نحن أمام معطيين جديدين: برميل البترول على أبواب 150 دولار، وربما أكثر، وأمام عشر سنوات، على الأقل، من الارتفاع المتواصل لأثمنة المواد الغذائية عالميا. وهو ما يعني أمرين اثنين: أولا: تخصيص ميزانيات أكثر، من طرف الأسر للغذاء وغيره، عوض السكن. وثانيا: نحن أمام احتمال انخفاض القدرة الشرائية للمواطن بشكل كبير، وانخفاض قدرة الحكومات نفسها (غير المنتجة للبترول) على تعويض هذه القدرة الشرائية. وبالتالي، فإن تدخل الدولة لتلطيف أثمنة الكراء ستكون له فائدتان: أولاهما، تمكين العائلات من هامش واسع لتحمل الغلاء في المواد الغذائية والطاقة. والثانية هي تخفيف الضغط على الحكومات منطرف الفئات المتوسطة والضعيفة لتعويض انخفاض القدرة الشرائية.
نحن أمام عشرية صعبة، والحلول ليست كثيرة لمواجهة القلاقل الاجتماعية، وأهمها وأسهلها، نوعا ما، هو تدخل الدولة لضبط سوق العقار، من جهة عقلنته وتلطيف أسعاره، لجعلها في متناول المواطنين من خلال قوانين جديدة للعقار تشجع الاستثمار وتزجر المضاربة ومن خلال اجراءات وشراكة شفافة مع المنعشين العقاريين. وهذه مهمة الدولة ومهمة المنعشين العقاريين كذلك، وفي مقدمتهم "الشعبي" و"الضحى".
فهل نسمع من المنعشين حديثا جديدا عن تحديات العشرية القادمة، وعن قطاع العقار كقطاع اقتصادي واجتماعي بالأساس، او تستمر حكاية اللـّـعـَـقـَــا.....رْ !
الطيب حمضي
10 juillet 2008

clés

الطيب حمضي . المغرب . العالم العربي . الديمقراطية . العدالة . المواطنة .المشاركة . الواقع السياسي . حقوق الإنسان. التنمية. الإرهاب. الأحزاب. العلاقات الدولية. المغرب العربي. الدبلوماسية. Tayeb Hamdi