ۥمولْ ليبيا

حين تقدم مواطن مغربي ومواطنة تونسية بشكاية لدى الشرطة السويسرية ضد مشغلَيْهما، هنيبعل القذافي وزوجته، بسبب ما تعرضا له من سوء معاملة من طرفهما، استمعت إليهما الشرطة وفتحت محضرا وقامت بما يجب القيام به في أي دولة حق وقانون. وفتحت العدالة ملفا واعتقلت ابن زعيم الجماهيرية العربية الليبية الاشتراكية العظمى وزوجته وقررت متابعتهما في حالة سراح. و"الأخ" هنيبعل له مغامرات سابقة من هذا النوع أوردتها الصحافة، حيث سبق أن اعتقلته الشرطة الفرنسية، لأنه اعتدى على زوجته وهي حامل...
إلى هنا، القضية قضية اعتداء تحقق العدالة السويسرية في صحته، قد يثبت وقد يخرج منها "الأخ" هنيبعل بريئا. لكن الأمور ستأخذ بعدا آخر، بعد أن تحرك "الأخ" معمر القذافي في ليبيا وتحركت "الأخت" عائشة القذافي هي الأخرى. هذه الأخيرة ما إن علمت بخبر اعتقال أخيها، حتى أعطت تصريحات تحذر فيها سويسرا من عواقب اعتقال أخيها وهددت بأن ليبيا سترد بقوة ضد سويسرا. شخصيا، لا أعرف أن السيدة عائشة القذافي رئيسة وزراء أو وزيرة أو رئيسة مجلس النواب أو سفيرة ليبيا لدى سويسرا أو الأمم المتحدة مثلا، حتى تطلق مثل هذه التهديدات. يبدو أنها تصرفت وفق منطق هذا أخي وذاك أبي صاحب ومالك ليبيا العظيمة، وسنستعمل ليبيا للدفاع عن هنيبعل!! والمؤسف أن "الأخ" معمر القذافي قائد ثورة الفاتح من سبتمبر فعلها!! قطع البترول عن سويسرا، واعتقل سائحين سويسريين بليبيا، وأطلق أشباله في الشارع للتظاهر ضد سويسرا حاملين صور الشاب الثوري هنيبعل. طبعا، حكاية قطع البترول فرقعة لا أثر لها، لأن "الأخ" القذافي لا يبعث بالبترول إلى سويسرا مجانا، بل يتقاضى أجرا مقابله، ويعرف أن احتياطي سويسرا يبلغ ثلاثة أشهر، وأن إيجاد مزود بديل لن يتعدى بضعة أيام على أكثر تقدير. لذلك، تراجع قبل أن تغير سويسرا رأيها وتستغني عن البترول الليبي.
ما لم ولن أفهمه كيف أن رئيس دولة يستعمل دولة بكاملها للدفاع عن مغامرات أحد أبنائه! أنا لا أستبق حكم القضاء ولا أدين ابن القذافي قبل القضاء، ولكن أن يستعمل "الأخ" القذافي دولة بكاملها ومصالح شعب بكامله في قضايا تهم تصرفات عائلته فهدا ما لم اسمع به حتى في الكتاب الاخضر حفظه الله !
يبدو أن طول إقامة الأخ القدافي على كرسي حكم ليبيا للعقد الرابع خلق خلطا بين ليبيا الدولة والشعب وممتلكات آل القذافي، فلم يعد فقط زعيم الثورة أو قائدها أو رئيس الدولة، بل صاحب ليبيا أو بالدارجة المغربية "مول ليبيا"!
لم يخطر على بال آل القذافي أن يستفسروا عما فعله ابنهم بخدمه. لم يخطر ببالهم أن المغربي والتونسية مواطنان وكائنان لهما نفس حقوق "الأخ" هنيبعل القذافي. تذكروا كيف أن الشباب المغربي، الذي يسقط في شباك الدولة الليبية في محاولات الهجرة السرية، يعامل أقبح من الحيوان داخل المعتقلات الليبية، وكيف فضحت الصحف المغربية والعربية هذه الممارسات الشنيعة التي يتعرض لها شباب مغربي على يد أجهزة أمن دولة عربية هي ليبيا الشقيقة.
وتذكروا كيف أن العمال العرب بليبيا يعاملون هناك أسوأ معاملة. هذه هي عروبة "الإخوة".
لما قرر "الأخ" القذافي التخلي عن العرب والتوجه إلى إفريقيا، قلت أحسن، ويا ليت لو توجه إلى أوروبا، على الأقل نرتاح نحن بعض الوقت و"تتعثر" أروبا بعض الوقت، عسانا نلحق بها!
الطيب حمضي
05 septembre 2008

ليست هناك تعليقات:

clés

الطيب حمضي . المغرب . العالم العربي . الديمقراطية . العدالة . المواطنة .المشاركة . الواقع السياسي . حقوق الإنسان. التنمية. الإرهاب. الأحزاب. العلاقات الدولية. المغرب العربي. الدبلوماسية. Tayeb Hamdi