بعد أيام معدودة من سيطرة حزب الله عسكريا على بيروت بقوة السلاح، وإغلاق طريق المطار والمطار، وسيطرة مسلحيه على الشوارع وإغلاقه وإحراقه لوسائل إعلام التيارات المخالفة له، ها هم الفرقاء اللبنانيون يتحادثون في الدوحة. حزب الله والمعارضة والدول المساندة له يعتقدون أن حزب الله يفاوض في موقع قوة، حيث أوضح بشكل ملموس كيف يمكنه أن يسيطر على بيروت في ظرف ست ساعات فقط. لكن، تعالوا نرى على من انتصر حزب الله؟
حزب الله استوطن أحياء كاملة في بيروت وجنوب لبنان ومناطق أخرى للتدرب على السلاح، منذ سنوات. واللبنانيون كلهم تساهلوا، بل سهّلوا ذلك، لأن السلاح سلاح المقاومة، مقاومة إسرائيل. حزب الله تلقى الملايير من لدن إيران والسلاح عن طريق سوريا. والدولة اللبنانية والشعب اللبناني يعرفان ذلك، ولم يمانعا، لأن الأموال توجه إلى مناضلي حزب الله وهم جنود المقاومة، مقاومة إسرائيل. حزب الله اقتطع أجزاء من لبنان وخلع عنها سيادة الدولة اللبنانية وأسدل عليها سيادة حزب هو حزب الله. واللبنانيون لم يمانعوا في ذلك، لأن تلك مناطق أمنية لحماية المقاومة، مقاومة إسرائيل.
حزب الله بنى المستشفيات وأقام المدارس ووسائل الإعلام ودور الأيتام والمشاريع من أموال آتية من إيران ومن داعمين لمقاومة الاحتلال، وهو بذلك يركز شعبيته. والدولة اللبنانية لم تعترض، ولا الشعب اللبناني، لأن تلك بنيات ومؤسسات لدعم الشهداء والفدائيين والمقاومة، مقاومة إسرائيل.
مقاومة إسرائيل خط مشترك للدولة اللبنانية والشعب اللبناني. ولهذا السبب، سُمِح لحزب الله بما لم يُسمح به لغيره، لا في لبنان ولا غير لبنان.
السلاح والديمقراطية لا يلتقيان في يد واحدة. المقاومة للوطن كله، ولا يمكن أن تكون حزبا أو طائفة. والممارسة الديمقراطية عمل سياسي ليس فيه لا إجماع ولا قدسية لأحد. لذلك، وفي أول منعطف، خرج حزب الله إلى الشارع حاملا أسلحته، موظفا مليشياته وخبرته العسكرية للاعتداء على خصومه السياسيين وعلى الحكومة وعلى الدولة اللبنانية.
وظف حزب الله الأموال المخصصة للمقاومة، والسلاح المخصص للمقاومة، والمؤسسات الداعمة للمقاومة، والدعم الآتي من الخارج لدعم المقاومة، وأموال إيران الداعمة للمقاومة، والسلاح الآتي من سوريا دعما للمقاومة، وخبرات مليشياته التي اكتسبها من أجل المقاومة... استغل كل هذا لفرض وجهة نظره على خصومه السياسيين. استعمل إرث المقاومة وأملاك المقاومة وتاريخ المقاومة وشرف المقاومة وسمعة المقاومة، لإسكات صوت خصومه السياسيين. هل يصدق أحد بعد اليوم في لبنان أنه في مأمن من سلاح حزب الله؟ إسرائيل تشعر بالأمان، لأن حزب الله قبل بقرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار صيف 2006، والتزم به، وقبل بتواجد قوات دولية في الجنوب اللبناني. لكن من يحمي الشعب اللبناني من سلاح حزب الله؟ هل لازال ممكنا أن يغمض الشعب اللبناني والدولة اللبنانية عينيهما إزاء تدفق السلاح لحزب الله، ومعسكرات حزب الله، وأموال إيران لحزب الله، والمربعات الأمنية لحزب الله؟ بعد استعمال حزب الله لسلاحه للسيطرة على بيروت وإسكات خصومه، هل يمكن الوثوق في تعهد حزب الله بعدم استعماله مجددا في الداخل وضد اللبنانيين وشعب لبنان ومؤسساته؟ المنطق يقول اليوم إن لبنان أمام خيارين: إما أن تتسلح كل الفصائل، وكل الفصائل تأخذ بقعا من لبنان مربعات أمنية لها وتأخذ السلاح والمال للتداريب العسكرية من الدول المساندة لها، حتى يكون هناك توازن، ويكون نفس «الحق» مشاعا بين الجميع. وإما أن يتساوى الجميع أمام القانون وينزع كل الفرقاء أسلحتهم ويتبارون في السياسة والديمقراطية بأفكارهم وبرامجهم وبأموالهم، وليس بالسلاح وأفكار وأموال غيرهم! لقد كان على حزب الله أن يفك الارتباط بين العمل السياسي والعمل المسلح حتى تبقى المقاومة للوطن كله ومحط إجماع، عوض استعمالها وأسلحتها في صرا عات وسخة. لكنه لم يفعل، وسيؤدي ثمن ذلك، وللأسف المقاومة ستؤدي الثمن هي الأخرى، لأن حزب الله حوّلها من مقاومة إلى مجرد مليشيا طائفية/سياسية انشغلت عن المقاومة بالفَتْوَنة المسلحة.
هناك تعليق واحد:
أتاأسف لك حامضي. بان لي انت من طينة هاداك الحريري يمكن بقى فيك، المهم انت ما عارفش شنو الحيثيات الدقيقة التي جعلت حزب الله يتصرف بدلك الشكل، الموضوع طويل، لكن كلكم طينة وحدو كلام في كلام من فراغ، فقط باش نكنل بعض السطور و تدطر الآخرين أنك موجود، و حتى لا تظن أنني متعاطف مع الإسلاميين فأنا ماركسي لينيني أكره كل الدين و من يمارس الدين.
إرسال تعليق