تحفيز الديمقراطيين

حفيز الديمقراطيين
هل نحن في حاجة إلى حركة سياسية جديدة؟ أظن أنه أضحى واضحا، اليوم، حتى بالنسبة للذين كانوا يقولون إننا بصدد صنع الانتقال الديمقراطي بسلاسة وأن الأمور على ما يرام، أن العمل السياسي في أزمة. أزمة حقيقية.
انتخابات 2007 وما رافقها وما تبعها، ونسبة المشاركة المتدنية، وطبيعة العملية الانتخابية، والأسماء الفائزة...، كلها مؤشرات على هذه الأزمة العميقة.
اليوم، لا أريد الحديث أو تقييم الأمور بميزان السنوات والتجربة الحالية. دعونا ننظر إلى الأمور بنظرة استراتيجية تتجاوز عناصر اليوم، وتستشرف آفاق المستقبل. ما هي تحديات بلدنا؟ مشكل التنمية والفقر، أوضاع المرأة، التهميش الاجتماعي، المشاركة والخطر الديني؟...
خطر التطرف الديني لا يهم المغرب وحده، بل هو ظاهرة تعم العالم الإسلامي، ومن الصعب أن يتوقع اليوم أي أحد في العالم إلى أي حد قد تصل الظاهرة، وإلى أي مدى زمني ستأخذه: عقد، عقدان، أو قرن من الزمان. أنا لا أتحدث هنا عن حزب العدالة والتنمية أو جماعة العدل والإحسان، فحتى مناضلو هاتين الحركتين، مثلا، لا يمكن أن يتوقعوا كيف ستتطور الظاهرة عبر التاريخ. وقد يكونا من الضامنين لتطور إيجابي نحو دمج ممارسة دينية سياسية متوافقة مع الديمقراطية ومستوعبة لها. كما يمكن أن يكونا، بالرغم عنهما وبحكم التطور الذاتي لحركية التاريخ، يبنيان الأرضية لعصور من الظلام كما بناها غيرهم، من إيديولوجيات غير دينية وديكتاتورية سياسية. لذلك، فالأخذ بيد بلادنا حتى تتجاوز هذا الامتحان بنجاح، هو من أهم تحدياتنا.
المغرب ليس بلدا غنيا، واعتماده على السياحة واستقطاب الاستثمارات الخارجية والتحويلات يجعل من الاستقرار السياسي شرطا ضروريا ودائما للتنمية. أي أن أدنى قلاقل هيكلية من شأنها تدمير مستقبل البلاد. وهذا الاستقرار نفسه يتوقف على استفادة الناس من مسلسل التنمية.
المشكلة التي تطرحها الممارسة الحزبية، اليوم، أنها أصبحت تنفر الناس من العمل الحزبي عوض أن تجلبهم للمشاركة. هناك فئات واسعة من المجتمع، من فاعلين ورجال إعمال وأطر ومواطنين يستشعرون التحديات ومستعدون للعمل يدا في يد لمواجهتها. لكن العمل السياسي كما هو عليه يزرع النفور.
والأخطر أن الأحزاب لم تظهر أي استعداد للتغيير لمسايرة الواقع. بل أضحت متلكئة وتنتظر من الدولة والمخابرات أن تقمع الحركة الإسلامية لضمان الاستقرار وجلب الاستثمار وضمان مقاعد بالمؤسسات بسهولة، في غياب أي منافسة ديمقراطية.
إن الأحزاب، إذا ما أصلحت أحوالها، قادرة على استقطاب مئات الآلاف من المواطنين الحداثيين والديمقراطيين، يمينا ويسارا، لصفوفها ولمعركتها من أجل الديمقراطية والتنمية والحداثة. لكنها لم تفعل وغير مستعدة لذلك. إذا أمكن جمع هاته الطاقات أو تحفيزها، فإن هذه الأحزاب نفسها ستكون مستفيدة، وستستفيد البلاد قبلها وبعدها، بطبيعة الحال.
المؤسسات التقليدية يضايقها، في العادة، الحراك السياسي، كما تضايقها المشاركة، لأن أي تحرك لا يمكن التحكم في مساره كليا، وكل التحركات الكبرى تصنع مجراها بنفسها. لذلك، المغرب، اليوم، في حاجة استراتيجيه لعناصر محفزة، جامعة، مستشرفة للمستقبل، متجاوزة لسلوكيات العملية الحزبية الحالية، وفي حاجة لاستنبات الثقة في العمل من أجل الشأن العام، لأن الأغلبية ليست صامتة، ولكن مترددة، فقط مترددة..
فإذا كانت «حركة لكل الديمقراطيين» مستحضرة لهذه الحاجة الإستراتيجية، أكيد ستكون في صلب التاريخ المغربي. أما إذا كان الأمر يتعلق بجواب مرحلي عن أسئلة ظرفية، فإنها ستكون حركة سياسية مثل غيرها من الحركات التي تظهر وتختفي.
7 mars 2008
الطيب حمضي

ليست هناك تعليقات:

clés

الطيب حمضي . المغرب . العالم العربي . الديمقراطية . العدالة . المواطنة .المشاركة . الواقع السياسي . حقوق الإنسان. التنمية. الإرهاب. الأحزاب. العلاقات الدولية. المغرب العربي. الدبلوماسية. Tayeb Hamdi