الجبهة ضد الإرهاب

يوم أخبرني صديق بالهاتف أنه تم اعتقال قياديين بحزب «البديل الحضاري» و«الحركة من أجل الأمة»، على ذمة قضية شبكة إرهابية سيطلق عليها في ما بعد «شبكة بلعيرج»، قلت له في تعليق أولي: أتمنى من كل قلبي أن تكون وزارة الداخلية مخطئة. واليوم أقول، كذلك، أتمنى ألا تكون مخطئة إلى هذا الحد!!
أتمنى أن تكون مخطئة، لأنه إذا تبث، كما يدعي وزير الداخلية، أن هناك شبكة إرهابية استطاعت أن تجد لها موطئ قدم داخل قيادات سياسية شرعية وفي أحزاب مختلفة، بل إن من استراتيجية هذه الشبكة خلق حركات وأحزاب سياسية للتغطية، إذا ثبت ذلك، فهذه كارثة. كارثة أمنية تنتظر هذه البلاد.
فالأمر لم يعد يتعلق بمجموعات هنا وهناك، تجتمع وتقرر تنفيذ عمليات إرهابية ضد أهداف محددة، وتنتهي بالتالي مهمتها، في انتظار مجموعات أخرى لأهداف جديدة. كارثة، لأن ذلك معناه أننا أمام شبكات لها مخططات إستراتيجية تمتد على سنوات، بل عقود من زمن. ومثل هذه الاستراتيجيات لا تجيدها ولا تتوفر على الإمكانيات «النظرية» والمادية والبشرية لها، إلا أقوى أجهزة الاستخبارات العالمية، فبالأحرى جماعات إرهابية !! كارثة، لأن معنى ذلك أن عقودا من الزمن الصعب تنتظر بلادنا إذا صحت الطريقة التي قدمت بها شبكة بلعيرج للرأي العام.
من خلال تتبعي لمثل هاته الحركات والمجموعات، على المستوى المغربي والإسلامي والدولي، ومن خلال ما هو متوفر للمتتبع الدقيق للوضعية ببلادنا، أستطيع أن أجادل في صحة وصدقية الطابع السياسي (الهوليودي) الذي أعطي لشبكة بلعيرج من خلال القيادات السياسية المعتقلة ضمنها.
إن أقصى ما يمكن أن تدلي به سلطة الاتهام، هو وجود علاقات بين بعض القياديين الإسلاميين وبلعيرج في الماضي، لا علاقة لها لا بتأسيس أحزاب سياسية ولا بإعطاء غطاء سياسي لعمل إرهابي. وأن شبكة بلعيرج تتكون من مجموعات مثل ما سبقها وما سيتبعها من مجموعات متطرفة، قد تكون اختارت الإرهاب وسيلة عمل. أؤكد على «قد»، لأنه ليس من حقي أن أدين أحدا قبل الاطلاع على حتى ما هو متهم به، وعلى ما سيدلي به من أقوال للدفاع عن نفسه، فبالأحرى حكم العدالة.
من جهة أخرى، أتمنى أن لا تكون وزارة الداخلية خاطئة إلى هذه الدرجة، لأنه إذا تبين أن الأمر يتعلق فعلا بشبكة إرهابية، ولكن وقع البحث عن أي معطى أو عنصر لإعطاء هذه الشبكة هالة سياسية وارتباطات حزبية لسبب ما أو لغاية ما، وتم تتبيل الحديث عن الشبكة بتوابل حزبية، فإن أولى أوجه تصدع الحرب على الإرهاب التي تخوضها بلادنا لن تتأخر في التجلي.
الحرب على الإرهاب تخوضها بلادنا وليس الأجهزة الأمنية وحدها. نخوضها جميعا، مواطنون وأجهزة. وهذا جوهر وأهم نقط القوة في هذه الحرب. وإذا تذكرنا تفجيرات السنة الماضية، سنفهم دور هذا الترابط بين دور الأجهزة الأمنية ومساعدة وتفهم المواطنين. أما إذا أحس الرأي العام، في أي لحظة من اللحظات، أنه تم «تمريغه في الطحين» من طرف أي كان في موضوع حساس كالحرب على الإرهاب، فستصبح حربا للأجهزة الأمنية ضد الإرهابيين وسط تشكك المواطنين. وستكون تلك ضربة قوية للجبهة ضد الحرب على الإرهاب. لذلك، قلت أتمنى أن لا تكون وزارة الداخلية خاطئة !
نحن أمام معتقلين ورواية لوزارة الداخلية، وأتمنى أن تحترم المساطر وفقا للقانون، وتكون المحاكمة عادلة ضامنة لحقوق المعتقلين، حتى يقول الرأي العام والقضاء كلمتهما. وسندرك وقتها أين كان الخطأ.
14 مارس 2008
الطيب حمضي

ليست هناك تعليقات:

clés

الطيب حمضي . المغرب . العالم العربي . الديمقراطية . العدالة . المواطنة .المشاركة . الواقع السياسي . حقوق الإنسان. التنمية. الإرهاب. الأحزاب. العلاقات الدولية. المغرب العربي. الدبلوماسية. Tayeb Hamdi