السلطة‮ ‬وملذاتها

قبل أن يموت الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد كان يهيأ لخلافته إبنه باسل الأسد. لكن الأخير توفي في حادث، اضطر معه الأب للمناداة على الإبن الثاني (بشار الأسد) الذي كان يتابع دراسته بطب العيون ببريطانيا للعودة إلى سوريا. وحين توفي الأسد الأب تم تغيير فصول الدستور حتى يتمكن بشار من الترشح ـ وحيدا ـ للرئاسة ويفوز بها وهو ما كان.
ولأن الدستور المصري لم يكن يسمح للرئيس مبارك بالترشح مرة أخرى للرئاسة فقد تم تغيير بنود الدستور وأصبح الرجل رئيسا ''منتخبا'' إلى ما شاء الله. ولأنه لن يطمئن على مستقبل مصر إلا إذا حكمها أحد من صلبه ـ مادام باقي الشعب غير صالح لمثل هذه المهام التطوعية ـ فإنه يهيىء الطريق ليخلفه إبنه جمال مبارك في سدة الرئاسة. قد يصبح الشاب جمال رئيسا لمصر مباشرة بعد أبيه، أو يصبح في إطار سيناريو معد سلفا نائبا لرئيس الجمهورية بعد وفاة والده لمدة قصيرة ثم رئيسا لجمهورية مصر العربية. وتتداول الأوساط السياسية الدولية إسم اللواء عمر سليمان ـ رئيس جهاز المخابرات المصري ـ ليقوم بدور الكمبارس في رئاسة الدولة حين شغور المنصب.
السيناريو نفسه في الشقيقة ليبيا التي يحكمها منذ ما ينيف على الأربعة عقود الأخ القائد العقيد معمر القذافي. فرغم أن الأخ القذافي لا يعتبر نفسه رئيس الدولة ولا حاكمها، فهو الذي يتخذ كل القرارات ويمثل البلاد في كل الاجتماعات ويفاوض أقرانه رؤساء الدول. وحتى لا يقول عنه أحد إنه متشبث بالسلطة فهو يعتبر منصبه قائدا للثورة. وهو يهيىء إبنه المصون لخلافته في ''المهمة الثورية'' التي تطوع لها هو شخصيا منذ حوالي أربعين سنة بتفان وإخلاص ونكران الشعب والديمقراطية، عفوا ونكران الذات!!
وفي كوبا، بعد عمر طويل إن شاء الله سيخلف كاسترو الأخ الرفيق فيديل كاسترو الرئيس المبجل لكوبا العظيمة. فالرفيق فيديل كاسترو ملهم الجماهير الذي يقارب الثمانين سنة من عمره سيترك كخليفة له أخاه كاسترو القائد في الجيش الكوبي والذي لا يقل عمره عن الرفيق فيديل إلا بسنوات قليلة.
وفي تونس الخضراء ''قرر'' الشعب التونسي الشقيق أن يغير دستور بلاده حتى يتمكن ''الزين'' من أن يتقدم للترشيح. وفعلا تقدم الرئيس رئيس العابدين بن علي وفاز بالرئاسة. وإذا أطال الله في عمره حتى نهاية الولاية الحالية فإن الشعب التونسي الشقيق سيقوم بتغيير الدستور من جديد ليتيح للرئيس بن علي الترشح مرة أخرى والفوز مرة أخرى والحكم مرة أخرى إلى أن يتذكره الله سبحانه وتعالى أو يتذكره عسكري آخر على ظهر دبابة، أو من خلال شهادة طبية كما فعل الزين مع الحبيب بورقيبة.
وفي اليمن الحبيب، عبر الرئيس اليمني علي عبد الله صالح السنة الفارطة عن نيته عدم الترشح للرئاسة مرة جديدة. ومباشرة بعد إعلانه عن هذه ''النية'' انطلقت حملة اليمن الشقيق من الحزب الحاكم والإعلام الحاكم والمصالح الحاكمة ترفض هذه النية وتطالب الصالح بالتراجع عن نيته والترشح للرئاسة والظفر بها مجددا.
إن اليمن الشقيق في حاجة لرجل مثله، بل العالم العربي في حاجة لرجل من عياره، ولنقل العالم الإسلامي والعالم كله في حاجة لخبرة رجل وحكمة سياسي مثل علي عبد الله صالح أطال الله في حكمه!
الفرق بين حكامنا نحن وحكام الشعوب الغربية هو أن هؤلاء الأخيرين مثل الأجهزة الكهربائية كلما تقادموا كليا أصبحوا متجاوزين وغير صالحين وأضحوا مستهلكين وعطاؤهم يتضائل. لذلك حتى القوانين عندهم تمنع استمرار المسؤولين على رأس الدولة لفترات طويلة.
بينما حكامنا نحن، مثلهم مثل الزرابي الإيراني، كلما تقادمت كلما زادت قيمتها.
وكلما زادت خبرتهم أضحى لا غنى عنهم. الفرق بينهم وبين الزرابي أن هذه الأخيرة تزداد قيمة كلما مشينا عليها ودسنا عليها، بينما حكامنا يزدادون أهمية كلما داسوا علينا.
هذا في الخارج، حيث انتشرت موضة ''الجمهوريات الملكية''. أما عندنا في المغرب فالقصة نفسها ومسؤولونا هم الآخرون زرابي فاسية ورباطية ومراكشية وأطلسية.
السيد المحجوب بن الصديق أمين عام للاتحاد المغربي للشغل منذ 50 سنة. والأخ نوبير الأموي كاتب عام للكونفدرالية منذ حوالي 30 سنة. والأخ عبد الرزاق أفيلال لم يتزحزح عن قمة نقابته إلا بعد تسونامي هز عرشه. والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية والأحرار والحركة الوطنية الشعبية و... و...
الطيب حمضي

ليست هناك تعليقات:

clés

الطيب حمضي . المغرب . العالم العربي . الديمقراطية . العدالة . المواطنة .المشاركة . الواقع السياسي . حقوق الإنسان. التنمية. الإرهاب. الأحزاب. العلاقات الدولية. المغرب العربي. الدبلوماسية. Tayeb Hamdi